قصة أصحاب السبت في كتب اليهود النادرة
بقلم الأستاذ هشام طلبة
صورة لحاخامات يهود في فلسطين |
كاتب وباحث مصري
استهزأ القرآن الكريم بالعنصريين من اليهود وتحداهم بذكر قصة أصحاب السبت ومسخ أجدادهم عندهم. وذلك باستخدام صيغ " ولقد علمتم "، " واسألهم "، " قل هل أنبئكم " في الفقرات القرآنية الآتية التي ذكرت تلك القصة.، وفي ذلك رد على تبجحهم بنقاء عرقهم وأنهم شعب الله المختار.
{ وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ (65) فَجَعَلْنَاهَا نَكَالًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ } [ البقرة: 65، 66 ].
{ وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (163) وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (164) فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (165) فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ } [ الأعراف: 163 - 166 ].
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (57) وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ (58) قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ (59) قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ } [ المائدة: 57 – 60 ].
في هذه الفقرة الأخيرة يأمرنا القرآن ألا نوالي أو نهش لمن أساء إلى الإسلام أو نتزاور معه كما يحدث الآن للأسف الشديد، ثم يذكر الله صورة من صور هذا الاستهزاء ألا وهي سخريتهم من ندائنا للصلاة ( الأذان ). بعد ذلك يعلمنا الله كيف نرد على هذه السخرية المتهافتة بسخرية حقيقية ألا وهي ذكر لعنة الله وغضبه على بعض أسلاف اليهود في كتبهم وذكر مسخ البعض الآخر قردة وخنازير عندهم كذلك.
· تتكلم قصة أصحاب السبت عن فريق من بني إسرائيل كانوا يسكنون قرية ساحلية، وكانوا يعملون بصيد السمك، فأراد الله اختبارهم فأمر الله السمك ( الحيتان ) بعدم الاقتراب من سواحلهم في أيام العمل الستة، بينما يكثر في يوم السبت وهو يوم يحرم عندهم فيه العمل، بل إن هذه الحيتان ( الأسماك ) كانت تظهر على الماء في يوم السبت إمعانًا في اختبارهم.
فما كان من هؤلاء القوم إلا أنهم شرعوا يحتالون الحيل، ورُوي أنهم كانوا يقيمون حواجز ( مصائد ) للسمك ليلة السبت ثم يجمعونه يوم السبت، أو أنهم كانوا يربطون السمك يوم السبت ويتركونه في الماء ثم يخرجونه ليلة الأحد أو نهاره (كما روى ابن إسحاق عن ابن عباس، وقال ابن كثير عن إسناده: إنه إسناد جيد ).
وقد انبرى فريق منهم يحذر العصــاة من مغبة عملهم، بينما اكتفى فريق ثالث بعدم المشاركة في الإثم، بل إنهم قالوا للفريق الناهي عن المنكر لِمَ تعظون هؤلاء العصاة الهالكون ؟! وكان عقاب الله سريعًا إذ مسخ العصـاة قردةً بينما نجَّى الفريق الناهي عن المنكر.
· هذه القصة القصيرة التي يأمر الله النبي صلى الله عليه وسلم أن يتحدى بها اليهود لكونها مكتوبة عندهم: { وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ }.. { وَاسْأَلْهُمْ }.. كما أسلفنا، وهذه أهم صور الهيمنة القرآنية، ليثبت لهم سابقتهم في المعصية.
هذه القصة نجد لها عدة قرائن في كتب اليهود:
· أول تلك القرائن نجدها في التوراة الحالية، إذ يخاطب الله بني إسرائيل فيقول: " احتقرت مقدساتي ونجست سبوتي " ( حزقيال 8:22 ).
أما كيف نجست أيام السبت هذه ؟ فلم يذكر هذا السفر ولا بقية أسفار الكتب القانونية (التوراة الحالية).
· لكنا نجد قرائن أخرى لكيفية إفساد أيام السبت والاحتيال عليها في كتب الحَلَقاه (قصص اليهود القديمة ) التلمودية ( المذكورة في التلمود ) وبعد التلمودية (1) ( المكتوبة في زمن ما بعد التلمود ) التي تنص على أنه من المسموح به نشر مصائد للوحوش والأسماك ليلة السبت لجمعها جمعًا طبيعيًّا يوم السبت.
والطائفة الوحيدة التي حرمت نشر الشباك ليلة السبت هي طائفة اليهود القرائين في كتب الحَلَقاه عندهم.
آخر تلك القرائن نجدها في بعض كتابات الربيين القدماء(2) وفي الترجوم الأورشاليمي ( الترجمة الآرامية القديمة للتوراة ).
حيث يتنبأ يعقوب بعقوبة لأبناء إفرايم بن يوسف في أوقات لاحقة نتيجة إمساكهم السمك بأفواههم في سنوات بعد يعقوب، فيصيبهم لثغة ويواجهون نهايتهم مثل السمك(3).
المعروف أن السمك لم يكن يومًا محرمًا عند اليهود. فلابد إذًا أن أكلة السمك المعنية كانت بشكل غير شرعي كما في حالة أصحاب السبت.
· حتى ندعى أن محمدًا صلى الله عليه وسلم هو مؤلف هذه القصة يجب علينا افتراض أنه اطلع على تلك الروايات التلمودية والترجومية والربانية فوجد خيطًا يجمع بينها، فجمع من هذه ما يتفق مع تلك ثم حذف القصة القائلة ببناء الإنسان برجًا يصل إلى السماء ثم يفكرون أن يعيشوا فيه لاستحالة ذلك عقلًا. ثم أضاف ذلك الحوار بين الناهين عن المنكر والساكتين عنه. ثم صاغ الرواية بإحكام بليغ أو أنه وجد مخطوطة لم نجدها نحن حتى الآن تذكر القصة كما رويت في القرآن فاقتبسها – ثم وضعها في موضعها المناسب في القرآن وتحدى بها اليهود!!!
· وكما أسلفنا هذه القصة مثل جامع لهيمنة القرآن الكريم على كتب السابقين، فكأن القرآن اطلع على كل الكتب السابقة التي تكلمنا عنها في هذا الفصل – ففصل بين الكتب المختلفة وأظهر المخفي منها والنادر وصوبه وصححه ونقاه من التفاصيل الخرافية وعرض العرض المبهر، وتحدى بذكرها في كتبهم، أي أن هذا المثل فيه تقريبًا كل صور هيمنة القرآن الكريم على كتب السابقين.
كما أن فيما ذكرناه رد على من نافق اليهود من المسلمين واستنكر قولنا أبناء قردة وخنازير وقال: لماذا نقول ذلك ونحن نعلم أنه غير صحيح ؟!!
أمر يُذكر في كتاب الله ونقول غير صحيح ؟!
ها نحن قد تبين لنا – وإن كان كلام الله ليس في حاجة لدليل – أن هذه القصة صحيحة ومذكورة في ثنايا كتب اليهود.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق